بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة الي طالب العلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا انه من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد
له وليا مرشدا ونصلي ونسلم علي رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم .
اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد
تباركت ربنا وتعاليت سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علي نفسك أنت
المقدم وأنت المؤخر وأنت الظاهر وأنت الباطن وأنت علي كل شيء قدير . اعلم
أن الله علي كل شيء قدير وان الله قد أحاط بكل شئ علما وان الله يبعث من
في القبور ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن واعلم أن النصر مع الصبر وان
الفرج مع الكرب وان بعد العسر يسرا وان ما توعدون لات .
• ما الدليل عل صدق طلب العلم ؟
تعالوا معنا نفكر :-
إذا كان طالب العلم لا يسجل أو لا يدون العلم الذي يلقي عليه من أهل العلم
فهذا دليل عل انه لا يوجد عنده ادني نية للاستفادة من هذا العلم لنفسه
فإذا ثبتت النية بعدم الاستفادة وذلك بدليل عدم التسجيل أو عدم التدوين
للعلم أثناء المحاضرة إذن فهذا الإنسان الذي لا يسجل او لا يدون حتى ينقل
هذا العلم لنفسه فهل تتوقع منه أن ينقل هذا العلم لغيره مثلا كزوجته أو
أولاده او لأصدقائه او لزملائه في العمل او لجماعة المسلمين ويؤيد ذلك قول
الامام احمد رحمه الله
( مع المحبرة إلى المقبرة )
وقال أبو يزن فى الطالب الجاد :
ولا يزال حامل المحابِر مجتهدا دوما إلى المقابرِ
قد جعل العلم له شعارا يمتثل القرآن والآثارا
فلذة العلم له شفـــاءُ ليس له من دونها غذاءُ
وقال الخليل بن أحمد رحمه الله :
(ما كُتِب قَرّ ، وما حُفظ فَرَّ ) ( )
الكتابة من مهمات أدوات العلم ، فإنها تحفظ العلم وتضبطه ، وتضمن لك الحفظ
والمراجعة ، فلا تعطل مهما كانت الحافظة ، فإن النفوس تنسى والعقول تشيخ ،
وإذا شاخت فلَّتت وأضاعت ، وفي أبجد العلوم لصديق خان (كل علمٍ ليس في
القرطاس ضاع).
وقال محمود الزمخشري رحمه الله :
(مَجْدُ التاجرِ في كيسه ، ومجدُ العالمِ في كراريسه)
إذا تفاخرَ أرباب الأموال بزينتهم وتجاراتهم ، فإن مفخرة العلماء بكتبهم
وكراريسهم إذ العلم تجارتهم ، وحفظه مناهم ، وكتبه دراهمهم ودنانيرهم.
(قلم بدينار)
وذلك لما انكسرَ قلمه في المجلس ، فعزَّ عليه أن يذهب إلى السوق ، ويضيع
الوقت ، فأغلا سعرَ القلم ، فطارت إليه الأقلام خاضعة ذليلة ، وهكذا طالب
العلم ، يشتري الوقت بالمال ، فإن المال يعود ، والوقت إذا مضى لا يعود.
فلا بد أن يعلم الإنسان ان حمل الكراسة او الاجنده لطلب العلم لا يقلل من
شأن حاملها أمام الناس وان حدث ذلك فالمهم عندنا هو شأن حاملها أمام الله
وقد قال الفضل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس
شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منها . فالشيطان يفتح للانسان ثلاث أبواب
حتي يجعله يتوقف عن هذا العمل .
اولا :- ان يدخل له من زاوية انك الشيخ المطمطم
أي ان الانسان يظن ان عنده علم كثير فهو شيخ منذ عشر سنوات او اكثر ولذلك
هو يجلس في مجلس العلم ويستمع للمحاضرة فكلما تكلم المحاضر استقل قدر هذا
العلم في نفسه وظن انه يعلم هذا العلم فهو ليس عنده الطلب في قلبه لهذا
العلم أي انه ليس عنده الاحتياج لما يسمع فهو يعرف اكثر منه فيكون عنده
زهد في التدوين والتسجيل بالقلم في الكراسة او الاجنده لما يذكره المحاضر
فهو يجلس مستمع مثل عوام الناس ولذلك فلنسأله يا ايها الشيخ المطمطم تجلس
مستمع وتفعل فعل العوام وانت تطالب العوام ان يجلسوا للمحاضر ويفعلون فعل
طلاب العلم والاجتهاد بالتدوين والتسجيل بالقلم والاجنده فاذا فكرت قليلا
لعلمت ان حياة العلم المذاكرة وآفته النسيان عن الزهري قال إنما يذهب
العلم النسيان وترك المذاكرة
و عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : " إِحْيَاءُ الْعِلْمِ الْمُذَاكَرَةُ ،
وَآفَتُهُ النِّسْيَانُ " . فاذا قمت عند الاستماع للمحاضر بالتدوين وجهزت
لذلك اكثر من نية فمثلا
فان كنت تظن انك لا تحتاج الي هذا العلم فاكتب ودون وسجل خلف ا لمحاضر وقل
حدثتني نفسي اني عالما فتهذبها وتؤدبها فبذلك يهلك العجب ويموت في قلبه .
ثانيا :- أن يدخل له الشيطان من زاوية الايمان
فيقول له انك إن حملت هذا الكراسة او الاجنده فهذا يعد تظاهر وتفاخر
بالدين وهذا يدخلك في دائرة العجب بالعمل يحبط لك العمل فلا تفعل ذلك من
تسجيل وتدوين العلم . ولكن الحقيقة انه في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله
عنه قال: قيل يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس؟
فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن. .
ثالثا :- او يقول له الشيطان إن الناس يتكلمون عليك ويقولون القوله
المشهورة ( بعد ما شاب ودووه الكتاب ) ما هذا الفعل الذي تفعله تحمل كراسة
وقلم وتسير بهما في الشارع لتذهب الي المسجد فهذا عار عليك وعند ذلك
يتراجع الانسان عن تدوين وتسجيل العلم .
فالواجب علينا قمع الشيطان وعدم الاستجابه له في دعوته فإن أمر الكراسة
والاجنده أمر ظاهر فلما تحمله علي العجب والتفاخر ولما لا تحمله علي دعوة
أنفسنا ودعوة الناس لفعل هذا العمل وجني الثمار من الاجور والحسنات من
وراءه فانه من دعي الي هدي كان له مثل اجور من تبعه دون ان ينقص من أجورهم
شئ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال : رسول الله صلى
الله عليه وسلم { من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا
ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام
من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا } . فأخبر صلى الله عليه وسلم أن
المتسبب إلى الهدى بدعوته له من الأجر مثل أجر من اهتدى به ، وكذلك
المتسبب إلى الضلالة عليه من الوزر مثل وزر من ضل به ، لأن الأول بذل وسعه
وقدرته في هداية الناس ، والثاني بذل قدرته في ضلالتهم ، فنزل كل واحد
منهما منزلة الفاعل التام . فكل من رأني وانا احمل الكراسة والاجندة لطلب
العلم وتسجيله وتدوينه يفعل مثل ما افعل فلنتخيل معا ان جميع الإخوة جاءوا
للمحاضره بالاجنده وجلسوا في المسجد واثناء تكلم المحاضر كل منهم يهتم
ويكتب ويسجل ويدون ما يقوله المحاضر فعندما ينظر الحاضرين من الشباب
والحاضرين من الآباء الي هذا المشهد العظيم يتأثرون ويفكرون والله ان امرا
جعلهم يفعلون ذلك لابد ان يكون امرا هاما جدا وهذا الكلام الذي نسمعه من
المحاضر شيء مهم جدا جعلهم يفعلون ذلك فهذا التأثير الذي يلقي في قلب
الشاب نتيجة لبيئة الاهتمام لكلام الله وكلام الرسول التي وضع فيها قد
يجعله ذلك يغير من مسار حياته وكذلك وضع الأب في قلب بيئة الاهتمام بعلوم
الدين قد يجعله يغير مسار حياته بان يتمني ان يقوم بمثل هذا العمل او يفكر
في ا دني واجب يفعله تجاه علم الدين أن يأتي بولده ليفعل ويصنع مثل صنيعهم
. فالله الله لو تحقق وجود هذه البيئة بيئة الاهتمام بتسجيل وتدوين كلام
المحاضر عن الله وعن رسوله وسوف نري اثر ذلك في قريتنا ودولتنا والله إن
اثر ذلك لسوف يصل إن شاء الله الي العالم كله لأنه إذا نظر الله إلينا
ووجد في قلوبنا وفي أفعالنا ما يدل علي صدق الطلب للعلم فسينزل هدايته
علينا وعلي العالمين ويجعل هذا الفكر ينتشر في كل مكان في الارض بأذنه .
ملحوظة :-
ومن لا يستطيع التسجيل عن طريق الكتابة لأنه لا يكتب ولا يقرأ فعليه بشراء
جهاز التسجيل الصغير ( الوكمن) الذي لا يتجاوز ثمنه عشرون جنيها .
)هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ )
27 – قال محمد بن سَلاَم البِيكَندي رحمه الله :
3. او ان تقوم بهذا العمل لتذل نفسك حتي لا يدخلها العجب وتظن انك اعلم
أهل الأرض ولهذا مثالا في مرة صعد امير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى المنبر
وقال : الصلاة جامعة . فتجمعت الناس . فقال يا أيها الناس كنت صغير أرعى
الغنم لأهل مكة وأرعى لخالاتي بمكة الغنم فكنت آخذ الغنم فأسقيها وأحلبها
وأنظف من تحتها ويعطونني أجري على حفنة من التمر ، يضعونها بين يدي فإن
كنتم لا تعلمون أني كنت أفعل ذلك فاعلموا . ثم نزل من المنبر . فقال له
علي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين والله ما أراك إلا أهنت نفسك . قال :
ذلك ما أردت حدثتني نفسي أني أمير المؤمنين فأردت أن أؤدبها وأعرفها
بقدرها ..
1. ان تقوم بهذا العمل من اجل المذاكرة ولعدم النسيان
2. او تقوم بهذا العمل لتساهم في صنع بيئة الاهتمام لطلب العلم عن طريق أن كل إنسان يراك تفعل ذلك فعل مثلك واخذت الاجر والثواب .